شارل أندري جوليان
مهما قدمنا لقرائنا من أعمال تاريخية
تتناول ماضينا المجيد، فنحن لا نوفي حضارتنا حقها من الدراسة والتقييم.
وذلك أن عمليات التشويه والتحريف التي قام بها (هواة التاريخ) من
المستعمرين والمبشرين إزاء أمجادنا ما تزال أثارها إلى اليوم. وقليلة هي
الأقلام التي أخلصت لعلمها ونظرت للتاريخ نظرة موضوعية تستكشف الحقائق
وتستنطق الأحداث وتتحسس لنصرة القضايا التحريرية العادلة تستشف طموح
الشعوب وتتحسس تحركاتها. من بين هذه الأقلام وفي طليعتها نضع المؤرخ
الفرنسي شارل أندري جوليان الذي كرس جزءا كبيرا من حياته لإبراز تاريخ
المغرب العربي ومتابعة أحداثه وتسجيل نضاله وتطوره، فقد عايش شعب المغرب
العربي وكان شاهدا على سعى هذا المغرب نحو استقلاله ثم نحو تقدمه.
لكل هذه الأسباب. وتولى الأستاذان محمد هزالي والبشير بن سلامة منذ سنوات
تعريب هذا الكتاب وسارعنا بنشره وها نحن نصدره للمرة الثالثة، فقد قدم
المعربان للقارئ، العربي وثيقة شاملة وصادقة عن كفاح المغرب وماضيه
ومكوناته الحضارية، بل وعبقريته في شتى المجالات السياسية والفكرية. وكان
هذا التعريب في مستوى النص الأصلي لما يحرك الرجلين من إيمان بأصالة
ماضيهما ورسالته الخالدة.
أملنا أن يلقى هذا العمل الأضواء على تاريخنا ويزيح عنه غشاوة الأفكار
المسبقة والأحكام الجاهزة وان يفتح الأبواب في وجه الباحثين لمزيد
الاستقصاء والدرس والتمحيص، خاصة وان هذه الطبعة تصدر في نفس الوقت مع
طبعة ثانية للجزء الثاني للكتاب حتى يكون عملنا متكاملا متتابعا خدمة
للتاريخ والثقافة في هذه الربوع.
الجزء الأولالجزء الثاني