لم يكن أمراً مفاجئاً تهنئة حسن روحاني لليهود بسنتهم العبرية، وأن يقول وزير خارجيته إننا لم ننكر «الهولوكوست» وإن من أنكرها يعني «نجاد» ذهب.. وحقيقة الأمر أن هناك روابط صداقة بين الطرفين منذ ما يزيد على ألفين وخمسمئة عام، ووجود جالية يهودية كبيرة في إيران تمارس طقوسها وتبني معابدها وتتمتع بامتيازات مادية هائلة يرجح خرافة أن هناك خلافاً يصل إلى العداء بينهما..
منذ «كورش» محرر اليهود من أسر البابليين وإيران تعتبر موقع قداسة لهم، ولم تتغير الصداقة بينهما في كل العهود حتى إن مفكرين وسياسيين إسرائيليين يقولون بصريح العبارة إن ما يجمعنا مع إيران الكره المشترك للعرب، واعتبارهم جنساً دوليا لا يرقى لعرقهما، وفي الظروف السياسية الراهنة هناك عامل أساسي يجمعهما وهو أنهما أقلية مع العرب والعالم الإسلامي السني، وما يقال عن حرب قادمة بينهما ليس إلاّ فرقعة سياسية..
ولعلنا نذكر كيف كانت فضيحة «الكونترا» عندما زودت إسرائيل إيران من مخزونها الاستراتيجي للسلاح بصواريخ حملتها طائرات أجنبية وكانت أثمانها تذهب لثوار الكونترا، وهي الفضيحة التي لم يعلق عليها أحد أثناء الحرب العراقية - الإيرانية وفي حياة الخميني، وحالياً ليس هناك حافز للحرب أو الخلاف وروحاني أكد هذه الصداقة علناً وبدون مواربة..
صحيح أن هناك دعماً لحماس ولكنه لا يصل إلى ان تشكل خطراً على إسرائيل، وحتى حسن نصر الله قابل صحفيين يهوداً، وقال ليس بيننا وبينكم أي عداوة وحتى تلك الحروب هي ستار من دخان على عيون العرب الذين عاشوا خديعة الدولة التي ستحرر فلسطين بعد خروج الإمام المنتظر، وهو صاحب العودة المجهولة كجزء من خرافة التأجيل لهذا القادم الذي سيحرر العالم، وفلسطين جزء منه..
العديد من كتّاب ومفكرين يهود وإيرانيين كشفوا عن اللعبة وأن هناك تحالفاً سرياً يجمع إسرائيل وأمريكا وإيران ظل على مدار العقود الماضية يشكل الأساس في المنطقة حتى إن إيران زمن الحرب الباردة بين السوفيات والغرب كانت مركز التجسس لحلف الأطلسي وموقع القوة لصد أي غزو للسوفيات لما سمي للبحار الدافئة، وعلينا أن لا ننساق وراء خديعة العداء بين الحلفاء الدائمين، بل نحن من سيكون الضحية في المستقبل..
فأمريكا وجزء من عربون الصداقة والتحالف سلّمت العراق لإيران بشكل لم يخفه «برايمر» الحاكم الأمريكي بعد الغزو، وتفتيت العراق إلى عدة دول هو في صلب الأهداف الإيرانية - الإسرائيلية، وحالياً لا يخفي البلدان استمرار هذه السياسة وتطبيقها على الوطن العربي ب «سايكس - بيكو» جديدة، ونحن الآن على خط المواجهة مع دول ذلك الحلف..
إسرائيل كيان زُرع في المنطقة وفق أهداف مقررة سلفاً، وإيران دولة خدمت الغرب في حروبهم التاريخية، ولا تزال مركز قوة لهم سواء مع العرب أو دول آسيا الوسطى، وهي برأيهم أكثر تماسكاً وخدمة لتوجهاتهم ولن يكون شيئاً غير عادي أن تحل جميع القضايا مع أمريكا بضغط من إسرائيل وخدمة لاستراتيجية هذه الدول، وهو أمر تفرضه مصالح لا صداقات فقط.