ملك مقدس لعائلة فلان .. ملك ورثة أسرة فلان .. حق مقدس لورثة المرحوم ..» عبارات نقرأها هنا وهناك على أسوار مستشفيات ومصانع ومبان أخرى ، هذه العبارات يؤكد كاتبوها أنهم يملكون الأرض التي بنيت عليها هذه المباني وأن لديهم ما يثبت حقهم الشرعي فيها هذا الحق الذي انتزعه منهم النظام السابق غصبا ودون مقابل أو اتفاق ، اليوم وبعد 42 سنة من الصراع والاعتراض والرفض السري صرخ اصحاب هذه الاملاك_حسب قولهم_ بأنه جاء الوقت لاسترداد أملاكهم وبدأوا العمل بكتابة كلمات هي في معناها ومضمونها رسائل تقول إنها أملاك مقدسة..فهل ما كتب يعتبرحجة سليمة يمكن أن يعتد بها أمام القانون ؟ وما يمكن أن تقدمه الدولة لمن تم استغلال أرضه لبناء مستشفى أو مدرسة أو غيره من المؤسسات ؟ وهل ما يباع ويشترى حاليا من ممتلكات وأراض كانت بحوزة النظام واتباعه صحيح ؟ اسئلة كثيرة انتقلنا بها إلى مصلحة التسجيل العقاري وأملاك الدولة وهناك التقينا رئيس مجلسها الإداري الدكتور»علي الطيب الهادي» أكثر مايشغل المواطنين حاليا هو الكيفية التي تمكنهم من استرجاع أملاكهم التي انتزعت منهم فترة حكم الطاغية عنوة ولم يقبلوا التعويض إما لعدم مساواته بقيمة العقار أو لتمسكهم بما يملكونه لأنها حقوق مقدسة أمثال هؤلاء كيف يمكنهم الحصول على حقوقهم وهل للمصلحة برنامج او خطة معينة حيال هذا الموضوع..؟ مصلحة التسجيل العقاري اختصاصها تحقيق الملكية واثبات الحقوق العينية سواء الأصلية أو التبعية كذلك وظيفتها تسجيل وتوثيق الأملاك سواء الخاصة أو العامة وفق آلية حددها القانون واللوائح المنظمة لهذا العمل بداية من تقدم صاحب العقار والشأن بطلب لتسجيل عقاره «مبنى تجاري ..قطعة أرض..سكن ..الخ» مرفق معه مستندات معينة حددتها اللوائح وهي سند ملكية واثبات شخصي وغيرها وعلى ضوء هذا الملف تقوم الإدارة المختصة بفتح ملف مؤقت له يملأ النموذج الخاص به ويتم تكليف محقق فينتقل للعقار المعني والمقصود تحقيق ملكيته يرافقه فني «مسّاح» لان العقاريتطلب تحديد موقعه وحدوده ومساحته ، ثم يبدأ المحقق الذي ينبغي أن يكون ملما بالإجراءات القانونية بعمله فيتأكد من الحدود والمساحة وإن كان هناك من اعترض على ما تم تسجيله أو لا ، ويثبت ذلك في محضره ويسجله في سجل خاص بالإدارة ، ويعلق محضر التحقيق في لوحة الإعلانات ويبقى لفترة معينة يحددها القانون حتى تتاح الفرصة لمن لديه اعتراض فيأتي بما يفند ما موجود في المحضركأن يكون شريكا في ملكيته أو أنه ملكا له كاملا فيتقدم بطعن في اجراءات تحقيق الملكية لوجود من ينازع عليها. لمن يقدم طعنه ..؟ توجد لجنة مختصة للنظر في هذه الطعون وتتأكد إن كان لدى الشخص المنازع حق أو لا واذا تم اجراء تحقيق الملكية ولم يأت أحد للاعترض فإن القانون يعطى مهلة زمنية للشخص صاحب العقار فقد يكون مجبورا أو مغيبا أو اتخذت الإجراءات وتم منح المتقدم بالاجراءات شهادة عقارية دون علمه فهنا من حقه إن علم بذلك التقدم بطعن أمام المحكمة وإن لم يعجبه حكمها من حقه الاستئناف على افتراض مرت سنوات ولم يتقدم أحد بطعن وتمت معالجة القانون يسيرالموضوع بكل يسر. كيف كان عمل المصلحة ..؟ مصلحة الأملاك العامة كانت مستقلة ومهمتها المتابعة والإشراف على أملاك الدولة وحمايتها وتسجيلها واستثمارها وجباية المبالغ الناتجة عن إيجاراتها وتخصيص الأملاك العامة لأشخاص معينين هذا طبعا دور المصلحة إما فيما يخص الأملاك التي آلت للدولة بموجب قوانين ظالمة صدرت في عهد النظام السابق كالقانون رقم88 لسنة 1975 أو 1977 هذه القوانين كان الغرض منها تغيير الملكية في المجتمع الليبي من مجتمع كان يتبع النظام الرأسمالي الاقتصادي الحر الى نظام اشتراكي أو شيوعي حسب ما كان يدعى كيف تم ذلك ..؟ هذا البرنامج يتم تنفيذه على مراحل وخطوات في سنة 1975 صدر القانون رقم88 ألزم بعض الملاك على ضرورة اتباع إاجراءات معينة في استثمار أملاكهم أو إحالة ملكيتها للدولة وفعلا من لم يتمكن من مجاراة ذلك القرار تمت إحالة أملاكه على الدولة والاستحواذ عليها بالكامل ، والبعض منهم تم تكبيلهم بقروض ربوية وشروط معينة فلم يتمكنوا من استكمال أو تسديد قيمة تلك القروض مما سهل على الدولة حجزها والاستيلاء عليها ، كما تم اصدارالقانون رقم 4 الذي حدد ملكية السكن بحيث يكون للمالك سكن واحد أو قطعة أرض واحدة وبشرط أن يكون متزوجا وفي عمر معين ليحق له الملك وبقية الأراضي من لم يسجل أرضه وفق مقياس ومساحة معينة تمت احالتها للدولة أيضا ، هذه العقارات بعد وقت تم تخصيصها لأناس آخرين ، وقبل الثورة بفترة قصيرة حاول النظام تصحيح بعض الأخطاء فشكل لجنة رئيسية تتبعها لجان فرعية في ليبيا بالكامل لتعويض الملاك المنتزعة أملاكهم بموجب القانونين 4 و88 لتعويضهم بالخصوص وقدمت حلول تلفيقية حاول النظام أن يلمع بها صورته أمام الرأي العام وباشرت تلك اللجان عملها سنة 2006 م وتقدم الملاك المتضررون من القانونين بمستنداتهم التي تثبت أحقيتهم وملكيتهم في هذه العقارات فتمكن بعضهم من استرجاعها أما بعض الأملاك فلم يتمكنوا لماذا..؟ لانه أصبح من الصعب أو المستحيل ترجيعها فقد انتقلت ملكيتها لأناس آخرين ومنها ما تمت تجزءتها . والحل ..؟ ضرورة تعويض صاحب الشأن ماليا وأن يكون المبلغ مناسبا للعقار أو الأرض التي انتزعت ، فالتعويضات المالية التي استلمها بعض الملاك قبل الثورة فرضت عليهم فرضا ، وبعضهم لم يقبلوا بالتعويض المالي بل كانوا يقولون إنهم يريدون أملاكهم ترجع إليهم مهما كانت بسيطة وهذا ما نسمعه اليوم بعد انتصار ثورة 17 فبرايرحيث يقولون إنهم يطالبون بتعويضهم حتى معنويا عن السنوات التي عانوا فيها نفسيا جراء حرمانهم من رزقهم 30 سنة واكثر. والذين استلموا تعويضات مالية كيف سيتم التعامل معهم..؟ معظمهم أكدوا أن ما تم حينها يفتقد للعدالة والإنصاف فالتعويضات المالية غيرمجزية وأرادوا فتح الموضوع أمام القضاء إما بزيادة التعويض المالي أو استرجاع املاكهم . وهل سيعاد برنامج اللجان التي كانت قبل الثورة..؟ الى اليوم هذه اللجان مازالت تعمل في معظم المناطق والمدن الليبية في طرابلس 4 لجان وفي بقية المدن بعضها توجد فيها لجنة وأخرى لجنتان وهكذا ، ورئيس اللجنة العليا مستشار في المحكمة العليا ورؤساء اللجان الفرعية معظمهم قضاة ومستشارين ، وكل ماتقوم هذه اللجان سواء تعويض أو إجراءات نقل الملكية اواسترجاعها لا يتم الاّ بالتنسيق مع مصلحة التسجيل العقاري وتوثيقه عن طريقها . المواطن الذي أخذ من أملاك الدولة بعد الثورة خاصة في المناطق التي توجد فيها عقارات للقذافي واتباعه وكذلك قطع أراض عديدة تم الاستيلاء عليها من قبل ثوار للاسف وتم تقسيمها وتوزيعها فيما بينهم ومنها ما تم بيعه بأسعارغير مدروسة هل من اشترى وفق أوراق ومستندات بيّنها له البائع «كما حدث في منطقة طريق المطاربطرابلس « يعتبر مخالفا للقانون وكيف يمكنه استرداد حقه المالي خاصة وانه واضح تم استغفاله ..؟ حقيقة الكلام في هذا الموضوع لايمكن اعتباره سريا فمن قاموا بهذه التصرفات وهم من الذين يدّعون بأنهم ثوار ويقولون بأنها أملاك عامة ومن حقهم الاستفادة منها أقول لهم إن ما يقومون به غير صحيح وغير حضاري ويفترض عليهم ترك المجال للدولة للقيام بإجراءاتها وفق القانون وأن يتركوها تقوم وتتأسس على الدستور والبرلمان والحكومة ومن لديه أي املاك سرقت منه او حقوق اغتصبت سيستردها بالقانون والقضاء وهو مستريح وليس بالقوة والنهب والغصب ، إضافة إلى ذلك أريد أن اقول للمواطنين إلى الآن بالنسبة لإجراءات تسجيل وتحقيق الملكية موقوفة في التسجيل العقاري وأي تصرف من هذا النوع يعتبر غير قانوني وكل ما لدى مثل هذا البائع او الشاري لايعتبر حجة صحيحة وسليمة قانونيا ، هي قد تكون فيما بينهما صحيحة وتؤكد أن فلاناً باع وفلان اشترى فقط ولكن الدولة لا تعتد بها كمستند اطلاقا ، فتسجيل العقار لا يتم الاّ بعد ان تتأكد مصلحة التسجيل العقاري من ملكيته لمن ترجع وإن كل مستنداته سليمة وتجرى عليه ما يجرى على اي عقار من محضر ونشر في لوحة الإعلان وغيرها وهذا لم يحدث في مثل ما قلت. بعض محرري العقود يثبتون ذلك في مكاتبهم ..؟ أعود وأكرر كل الاجراءات التي تجري في هذا البرنامج حتى وإن كانت عن طريق محرر العقود غير سليمة ولاتعتبر حجة قانونية لأنها تمت خارج إطارالشرعية القانونية ، وعلى جميع المواطنين الانتباه والتحري فاجراءات التسجيل العقاري موقوفة . البعض يقول إن العقار»س» هو ملك له ..؟ أملاك الدولة كلها موثقة وموجودة في الإرشيف وكل قطعة أرض معروفة حدودها ومساحتها ولمن تؤول ملكيتها وكذلك الأملاك الخاصة موثقة وكل ملك معروف صاحبه إن كان من الأزلام أو للدولة او لمواطن ليبي بسيط ، ومن يقدم على أي إجراء خارج اطار شرعية القانون يتحمل مسؤولية نفسه سواء كان بائعا او مشتريا . وما كان يملكه النظام السابق ..؟ أملاك النظام وأزلامه كلها موضوعة تحت الحجز والتحفظ حيث شكلت لجان من مجلس الوزراء لهذا الخصوص، هناك أملاك ترجع إلى عهد الملك إدريس ولها ملّاكها الحقيقيون وسترجع بإذن الله لهم في يوم من الايام وبمفرجاني ما تنتهي اللجان المختصة بالعمل عليها سيتم الإعلان عنها والأراضي والعقارات التي تؤول للدولة الليبية وتم تخصيصها لأشخاص معينين في السابق كلها آلت للدولة وتم تشكيل لجنة للتحفظ عليها . في بعض المناطق نشاهد المواطن وهويقوم بالبناء على أسطح العمارات فما حكم القانون في مثل هذه الحالات ..؟ هو عمل مخالف لقانون تخطيط المدن والقرى المتعارف والمتفق عليه عالميا فكل مدينة ومنطقة لها مخططات معتمدة ومواصفات معينة في البناء شكلا وارتفاعا ونوعا وبالتأكيد ستتم إزالة هذه المخالفات المخلة بالمظهرالجمالي العام للمدينة أو القرية ومصلحة التخطيط العمراني والمرافق هما الجهتان المسؤولتان عن هذا الأمر ومتابعته ومعاقبة القائم به بإزالة البناء على نفقته الخاصة وليس من حقه التعويض حتى وإن كان متخذه سكنا له سواء على سطح عمارة او مساحة خضراء أو ميدان عام ، ما قام به يعرضه لمسألة قانونية ويحمله مسؤولية جنائية حسب ما حددته نصوص قانون التخطيط العمراني . ألم تتعرض الملفات والمستندات للنهب ..؟ في الوقت الحالي أوقفنا التعامل مع الجمهورخوفا على سلامة الملفات وأملاك المواطنين وأملاك الدولة نتيجة الخلل الأمني الذي حدث أثناء وبعد الثورة وما صاحبه من اثار اقتصادية واجتماعية ، هذا الاجراء بحكم تخصصي أراه طيبا وتشكر عليه الحكومة لأنه يعني حماية الأملاك العامة والخاصة ولكن الحمد لله إداراتنا وملفاتنا بخير ولم تحدث الاّ بعض الوقائع التخريبية في فرع المصلحة بالمنطقة الشرقية وتحديدا إدارة العقورية حيث تم اتلاف بعض الملفات ولكن بإذن الله ومن خلال المنظومة الموجودة لدينا في ادارة تقنية المعلومات سنستعيد كل ما تم إتلافه فقد شكلنا لجنة لهذا العمل بالخصوص هل هناك عوائق تحول دون مباشرتكم العمل حاليا..؟ أهم العوائق التي نعاني منها هو الجانب الأمني وهو جانب حساس ويمس كل مواطن ولهذا نقول للمواطن صبرا إلى أن تقوم الدولة وتتفعل مؤسساتها وحينها سنبدأ العمل ونباشر عملية تحقيق الملكية ونتوقع أن ذلك سيكون قريبا بوجود ثوارنا الواعين الوطنيين الحريصين على سلامة ليبيا وهم لايمكن أن يقوموا بأي عمل يعرقل ليبيا ، لا ننكر أو نتجاهل أن هناك من لديهم أطماع معينة ويحاولون استغلال الفترة الحالية والفراغ الأمني لتحقيق مطامع شخصية ولكنهم لن يحققوا شيئا لانه باطل وما بني على باطل فهو باطل ولن يقوم . ماذا تقول للمواطن الذي يخشى على ملكه او ملك دولته من الضياع ثانية..؟ اطمئن الجميع إن وضع الأملاك الليبية العامة والخاصة بخير وستعود الأمور إلى نصابها في أقرب وقت أما في ظل الظروف الحالية فلن نتمكن من فعل شيء ، حاليا نعمل على تجهيز مقارنا وإعادة ترتيب بيتنا من الداخل وبعدها سنفتح الابواب للجمهور اخيرا..؟ الليبيون قبل الانقلاب المشؤوم كانوا من أطيب وأرقى الشعوب ويضرب بهم المثل ولكن طيلة 42 سنة عمل القذافي على تنفيذ سياسة التجهيل وإفساد الأخلاق والقيم والأصالة الليبية واليوم بعد ثورة الكرامة علينا أن نعطي صورة حسنة عن ثورتنا وأن نثبت للعالم أن الصورة التي ارتسمت في مخيلتهم عن ليبيا والليبيين فماهي الا بفعل النظام السابق الذي تعمد زرع روح الفوضى والهلع فينا وهذه سياسة ممنهجة طبعا .
*حاورته:ربيعة الحباس.. عدسة:عادل بن رمضان - صحيفة فبراير